الأربعاء، 27 أبريل 2022

التأثير السلبي لعدم ضبط التقويم القبطي على موعد الأعياد المسيحية

التأثير على الأعياد الثابتة

من الواضح حاليا أن تأثير عدم ضبط التقويم القبطي أدى إلى ترحيل 13 يوما في موعد أيام الأعياد الثابتة مثل الميلاد والبشارة والغطاس... إلخ، بين الكنائس في الشرق والغرب. وستزداد هذه الفجوة بين الأعياد الثابتة بإضافة 3 أيام كل 400 سنة. وهو ما يعني أنه بتعاقب القرون سيتحرك موعد عيد الميلاد إلى شهر مارس أي في فصل الربيع، وهو الفصل الذي من المفترض أن نُعيد فيه بعيد القيامة وليس الميلاد! وستتحرك معه باقي الأعياد الثابتة بنفس الطريقة، مثل أعياد البشارة والختان والغطاس... إلخ.

التأثير على الأعياد المتنقلة

وليس كما يعتقد البعض أن هذا الترحيل يقتصر على موعد الأعياد الثابتة فقط، بل سنعرض الآن كيف إنه يؤثر أيضا على تحرك موعد عيد القيامة بعيدا عن الاعتدال الربيعي، الذي هو 25 برمهات (قبطي) والذي كان يوافق 21 مارس (ميلادي)، ولكن يوم 25 برمهات أصبح يتأخر الآن إلى 3 إبريل، بسبب عدم ضبط التقويم القبطي. ويُشير القمص كيرلس الانطوني في كتابه "عصر المجامع"[i] بأن آباء كنيسة الإسكندرية والكنيسة عامة منذ مجمع نقية 325م كانوا قد حددوا موعد الاحتفال بعيد القيامة على أن يكون يوم الأحد التالي لاكتمال قمر شهر نيسان بدرًا (مساء 14 نيسان موعد ذبح الفصح اليهودي) الذي يلي الاعتدال الربيعي. وعليه لا يجب أن يتجاوز الفرق بين موعد الفصح اليهودي وعيد القيامة 7 أيام.

وبحسب كتاب "تعاليم الرسل الدسقولية" لقوانين الرسل والكنيسة[ii] نُعيد لقيامة المسيح بعد الاعتدال الربيعي الذي كان يوافق 25 برمهات (قبطي) بعد الفطير، في الأسبوع الموافق ل 14 من القمر أي اكتمال القمر بدرا، والذي يقع فيه الفصح اليهودي.

وكنتيجة لعدم ضبط التقويم القبطي وترحيل موعد وقوع 25 برمهات، وهو اليوم الذي يتم تحديد موعد عيد القيامة وسائر الأعياد المتنقلة على أساسه باستخدام حساب الأبقطي، بعيدا عن الاعتدال الربيعي الحقيقي 21 مارس، نجد نوعين من الخطأ في تحديد عيد القيامة عند الشرقيين:

الخطأ الأول هو تأخر عيد القيامة أكثر من 7 أيام عن الفصح اليهودي.

الخطأ الثاني هو تأخر عيد القيامة أكثر من 4 أسابيع عن الفصح اليهودي.

تأخر عيد القيامة أكثر من 7 أيام 

هذا الخطأ يظهر بنسبة 40% تقريبا من السنوات، وهي نسبة خطأ كبيرة جدا. ويمكن بسهولة ملاحظة السنة التي يقع عيد القيامة أسبوعا متأخرا بحسب شكل القمر. فبحسب أطوار القمر يكون البدر مكتملا ليلة الفصح اليهودي، لذلك يجب أن يكون طور القمر ليلة الأحد التالي له مباشرة هو Waning Gibbous (الأحدب المتناقص)، أي عندما نخرج من الكنيسة بعد قداس عيد القيامة يجب أن نرى أكثر من نصف القمر منيرا، أو على الأقل نصفه. ولكن في السنوات الذي يحدث فيها هذا النوع من الخطأ نرى القمر قد تناقص إلى شكل الهلال المتناقص.

ومثال على ذلك الخطأ هو موعد عيد القيامة الذي احتفلنا به في 2020. فالمشكلة التي قابلتنا ذلك العام هي أن اكتمال بدر نيسان حدث في مساء 7 إبريل، وعليه وقع عيد الفصح اليهودي عشية 8 إبريل. وكان يوم الأحد 12 إبريل هو الأحد التالي للفصح اليهودي الذي كان يجب أن نحتفل فيه بعيد القيامة، ولكن الذي حدث أننا احتفلنا بالقيامة 19 إبريل متأخرين أكثر من أسبوع. والدليل البصري على ذلك هو أن طور القمر كان Waning Crescent Moon هلالا متناقصا، وليس أحدبا متناقصا كما ذكرنا سابقا، ويمكن التأكد من هذه المعلومة من موقع "Calendars exhibit" وهو أحد المواقع المتخصصة في دراسة وحساب أطوار القمر.[iii]

تأخر عيد القيامة أكثر من 4 أسابيع

هذا الخطأ يتكرر 11 مرة كل مائة سنة أي بنسبة 11% من السنوات، وهي نسبة ليست قليلة. وسبب الوقوع في هذا الخطأ أن طريقة حساب الأبقطي، التي تستخدمها الكنيسة لتحديد موعد أول اكتمال القمر بدرا بعد الاعتدال الربيعي، تنظر للاعتدال الربيعي أنه يقع في 25 برمهات الذي يوافق 3 إبريل بالخطأ، وليس 21 مارس. ولأن اكتمال القمر في شهر الفصح اليهودي يحدث هذا العام قبل 3 إبريل، فحساب الأبقطي لا يعتبره هو الفصح، يُعطي موعد اكتمال القمر في الشهر التالي للفصح الذي هو "إيار" وليس شهر الفصح نفسه "نيسان". ونتيجة لهذا الخطأ يحدد موعد عيد القيامة متأخرا لأكثر من شهر.

وكمثال على هذا النوع من الخطأ دعونا نفحص موعد عيد القيامة الذي احتفلنا به العام الماضي 2021. ونلاحظ في ذلك العام أن الاعتدال الربيعي أتى كالمعتاد ليلة 21 مارس، وكان اكتمال قمر شهر نيسان في موعد الفصح اليهودي يوم 28 مارس. وهذا يعني أن موعد عيد القيامة كان ينبغي أن يكون يوم الأحد 4 إبريل، ولكن لأن حساب الأبقطي يعتبر أن 25 برمهات الذي يوافق حاليا 3 إبريل هو الاعتدال الربيعي لم يعتبر أن بدر نسيان قد حدث في 28 مارس، بل حدد موعد اكتمال القمر في الشهر التالي للفصح اليهودي! لذلك في تلك السنة احتفلنا بعيد القيامة في 2 مايو بدلا من 4 إبريل بتأخير أربعة أسابيع عن موعدة المُفترض، وخمسة أسابيع عن الفصح اليهودي.

هذا الخطأ تكرر ليس في سنة 2021 فقط لكن في أعوام كثيرة مثل:

§        في 2013 الفصح اليهودي وقع في 26 مارس، واحتفلنا بالقيامة في 5 مايو، بتأخير ٤٠ يوم!

§        في 2002 الفصح اليهودي وقع في 28 مارس، واحتفلنا بالقيامة في 5 مايو، بتأخير 38 يوم!

§        في 1994 الفصح اليهودي وقع في 27 مارس، واحتفلنا بالقيامة في 1 مايو، بتأخير 35 يوم!

§        في 1983 الفصح اليهودي وقع في 29 مارس، واحتفلنا بالقيامة في 8 مايو، بتأخير ٤٠ يوم!

وسيتكرر في السنوات القريبة المقبلة مثل:

§        في 2032 الفصح اليهودي سيقع في 27 مارس، وسنحتفل بالقيامة في 2 مايو، بتأخير 36 يوم!

الـخـلاصــــــــــــــة

مما سبق نجد أن إجمالي نسبة الخطأ في تحديد موعد الاحتفال بالقيامة تصل إلى حوالي 51%، ما بين تأخير أسبوعا أو أكثر من أربعة أسابيع. مع أنه بحسب ما حدده الآباء في مجمع نيقية لا يجب أن يكون الفرق بين موعد الفصح اليهودي وعيد القيامة أكثر من 7 أيام، كما أشرنا سابقا. فانظروا أية فوضى يُنتجها عدم ضبط التقويم القبطي وحساب الأبقطي في المستقبل؟ فنجد عيد الشتاء يتحرك على الربيع وعيد الربيع وقتها سيقع في الصيف! وهل يليق بالكنيسة أن تُسلم الأجيال القادمة حسابا غير منضبطا؟ وهي في استطاعتها الآن تصحيح هذا الترحيل بضبط التقويم الذي يحتاج لحذف 13 يوما فقط، وتطوير معادلات حساب الأبقطي ليتماشى مع ذلك.

إن الأرثوذكسية ليست في التمسك بالخطأ، بل هي كما في أسمها الذي يعني "المجد المستقيم" يجب أن تجعلنا نفحص كل شيء، ونتمسك بكل ما هو مستقيم وصحيح. وإن أمانة الكنيسة في التسليم ليست في الحفاظ على ما وصل إلينا فقط، ولكن في فحصه، والحرص على صحة ودقة ما تُسلمه للأجيال القادمة أيضا. ففي المستقبل كلما مرت العقود والقرون زاد الترحيل، وابتعدت الأعياد أكثر عن موعدها. فإن كنا الآن نلاحظ فرقا، ففي المستقبل وكلما بعدت الأجيال سيزداد هذا الفرق بشكل كبير. لذلك يجب على كنيستنا أن تكون دائما حريصة كل الحرص على إعداد النظم المختلفة، وتطويرها بشكل علمي سليم حتى، تضمن حُسن ترتيب الكنيسة لأجل الأجيال القادمة في المستقبل. لذلك أرجو أن يتدارك آباء الكنيسة المعاصرون هذا الخطأ الحسابي التراكمي. وأن يتخذوا خطوات لإعادة ضبط تقويمنا القبطي، وذلك باللجوء لمراكز الأبحاث المتخصصة لضبط التقويم القبطي وتعديل حساب الأبقطي بطرق علمية سليمة. فلا يليق بكنيسة الإسكندرية منارة العلم واللاهوت في القرون المسيحية الأولى أن تتجاهل ضبط تقويمها الذي أصبح يؤثر على مواعيد أعيادنا عامة، وخصوصا عيد القيامة تاج الأعياد.


للمزيد عن موضوع ضبط التقويم القبطي برجاء قراءة المقالة السابقة

"هل يحتاج التقويم القبطي إلى ضبط؟"



[i] كيرلس الانطوني. عصر المجامع. طبعة أولى. مكتبة المحبة. ص25 و96

[ii] وليم سليمان قلادة. تعاليم الرسل الدسقولية. طبعة ثانية. دار الثقافة. ف30 ص660-661

[iii] Calendars exhibit. Moon Phase - Day | Calendars. Moon Phase on 19 Apr 2020. Retrieved from http://www.webexhibits.org/calendars/moon.html?day=19&month=4&year=2020

 

الأحد، 24 أبريل 2022

قدوسٌ القائمُ مِنَ الأمواتِ


قدوسٌ الله

يا للعَجَبِ الذِي يُناقِضُ طَبِيعَةَ القُبُورِ.

فعِوضًا عَنْ الجِيفَةِ ورَائِحَةِ النَتَنِ،

يَفِيضُ قَبرُكَ عَلَينَا بِنَارٍ مِن نُورٍ شِهَادًة لِقِيَامَتِكَ.

وكَمَا أَنَّكَ فِي لاهُوتِكَ نَارٌ وفِي تَأنُسِكَ استُعلِنتَ كَنُورٍ،

هَكذَا تُشرِقُ مِن قَبرِكَ فِي ذِكرَى قِيَامَتِك عَلى مَرِّ العُصُورِ،

بِالنُورِ الذِي يُبَرهِنُ عَلى طَبِيعَةِ لاهُوتِكَ النَارُ.

قدوسٌ القَوِي

الذِي أظْهَرتَ بالضَعْفِ مَا هُو أعْظَم مِنَ القُوةِ.

أظْهَرتَ بِالفِدَاءِ بِرَّكَ المُطْلَقَ عَلى البَشَرِ.

أظْهَرتَ بِالصَلِيبِ قُوَتَك بِالغَلَبَةِ عَلى إِبْلِيس.

أظْهَرتَ بِمَوتِك سُلطَانَكَ بِالقِيَامَةِ مِن المَوْتِ.

أورَثتَ المُؤمِنِين بِكَ نِعمَةَ التَبْرِيرِ مِن الخَطَايَا،

وَهَبْتَنَا سُلطَانَ الغَلَبَةِ لِنَطأ بأقدَامِنَا العَدُوَّ الشَيطَان،

ومَنَحْتَنَا قُوةَ اتحَادِنَا بِكَ لتَمنَحَنَا القِيَامَةَ للحَيَاةِ الأبَدِية.

قدوسٌ الذي لا يَمُوت

المَوْتُ العَتِيدُ عِنْدَمَا ابتلعك مَاتَ،

القَبْرُ المظلم الذِي فَتَحَ فَاهُ لِيَضُمَّ جَسَدِكَ فَجَّ نُورًا.

الهَاوِيَةُ تَهَاوَت أَبْوَابُهَا عِنْدَمَا وَاجَهَت مَجْدَ لاهُوتِكَ.

إِبْلِيسُ الذِي طَالَمَا قَيَّدَ أَنْفُسَ الأَبْرَارِ،

قَيَّدْتَهُ بِسَلَاسِلِ الظَلَامِ إِلَى الأبَدِ.

المَجدُ لَكَ يَا رَبَّ المَجدِ.


الموضوع الأحدث

سبحوا الله في قُدسِهِ أَم سبحوا الله في قِدِّيسِيه؟

  العبارة الأولى في المزمور 150 " سبحوا الله في قُدسِهِ" أم "سبحوا الله في قِدِّيسِيه"؟ لماذا نجدها في بعض الترجمات &qu...

الأكثر قراءة